يوم الأربعاء صباح دافئ، و نسيم عليل، قرية ساحلية، قاطنوها فقراء، تشهد ولادة طفل وسيم. تتوسم العائلة من هذا الطفل أن يكون من ينتشلهم من الفقر في المستقبل. بيد أنه لم يختر له اسم بعد. يأتي الأب ليأذن في أذن ابنه الصغير، فهكذا تقول التقاليد. و بعد مرور يوم من هذا الحدث، يفكر الأب في جلب غداء متكامل لهذا الذي لم يكتمل بعد. مهنة الأب حطاب، لا يستطيع قطع الكثير من الخشب نظرا للقوانين الصارمة المتخذة قصد حماية الغابة، ماذا يفعل؟ إنه فقر مذقع. و أخيرا تجتمع الأسرة لتقرر على أن الأم ستخرج لتنظيف البيوت، بينما يذهب الأب إلى السوق بعد قطعه للخشب ليحمل على ظهره ما ثقل من اللوازم على أصحابها.
مر أسبوع على هذه الحال، يعاني الأب من تمزق عضلي نتيجة الإرهاق، أما الأم فهي تعاني من كثرة الصداع ومن التعب الشديد نتيجة بكاء الطفل المتواصل
بعد مرور سنة من ولادة الطفل، يصيب الأب مرض شديد يؤدي به إلى الموت تبدأ الأم بضرب خدودها و نبذ حظها ترى ماذا تفعل لهذا الطفل؟ من أين تأتي له بالمأكل؟ فكرت مليا ثم اتخذت قرارا بأن تحمل معول زوجها و تذهب للغابة، و بعدها تعود لعملها الطبيعي.
كبر الطفل شيئا فشيئا بعد مرور الوقت. أصبح عمره يناهز السن المدرسية، و لكن أين المال لتدريسه؟
و بعد مرور ستة أشهر تلتقي الأم برجل صالح اسمه حسان، يقوم بإيوائهما ، وبعد ذلك يسجل الطفل في جامع صغير قرب القرية.
انتهى العام الدراسي، حصل الابن على علامة جيدة خولته للإنتقال إلى مستوى آخر من مدارج التعليم بالمسجد. غير أن حسان أصيب بوعكة صحية اضطرته إلى السفر للمدينة من أجل العلاج، وترك الأم و ابنها يتدبران أمرهما قبل عودته.
يبدأ العام الدراسي المقبل و حسان لم يقبل بعد لتسجيل الطفل. وبعد مرور شهرين يأتي معافى و يعتذر عن تسجيله هذا العام لأنه مفلس غير أنه حاول أن يعوض محمودا- الإبن- عن عامه هذا بإعطائه دروسا مشابهة اما يتعلمه زملاؤه، وما كاد يحل العام الدراسي الجديد حتى سارع حسان لتسجيل محمود، لأنه أحس بنبوغه و قدرته على المضي في منهج التعليم.
وبعد مرور زمن قليل أكمل محمود تعليمه الابتدائي بالمسجد، و اجتمع الفقهاء و الشيوخ القائمون على المسجد ليقرروا من تخوله قدرته للذهاب إلى الجامع الأكبر بمصر. و كان محمود ممن اختير لهذه البعثة.
دخل محمود لأول مرة إلى هذا الجامع، فانبهر بطريقة بنائه و دقة زخرفته، ومدى اتساعه. و عندما بدأ العام الدراسي زاد انبهاره بالفقهاء و الشيوخ المشرفون على هدا الجامع نظرا لما آتاهم الله من العلم و المعرفة، فحاول الإفادة منهم و التحلي بخلقهم إلى أن نال ثقتهم و إعجابهم.
وفي نهاية السنة، أقر كافة الشيوخ على نبوغ محمود، حيث كان حافظا لكتاب الله، و للعديد من الأشعار و الأحاديث.
أصبح سن محمود الآن يناهز السبعة عشر سنة، حصل على دبلوم تخرج مبكر إلا ّأنه لم يجد مسجدا فارغا من الشيوخ ليعمل به. لم ييأس و لكنه اتجه نحو التعليم العالي. وقبل ابتداء العام الدراسي رجع إلى أمه بالقرية ليجدها قد راحت بلا عودة. يعود حزينا إلى المدينة يترقب المستقبل و يعايش الحاضر، ويبكي على الماضي الأليم.
بتعرف بالمدينة على أصدقاء منحرفين خلقيا ودينيا، يعاشرهم لأنه ملجأه الوحيد للإيواء، فهم يعيشون في غرفة واحدة، يدرسون أحيانا، و تارة أخرى يلهون، ضاقت بهم الأرض، ومما زاد في حدة شدتهم حصولهم علة شهادة التعليم العالي دون الحصول على عمل، أو حتى منحة مالية. فكر هؤلاء الشبان بجدية فيما يمكن عمله إزاء هدا المشكل، فهم فقراء لا مال لهم و لا أهل، وأخيرا فكروا في الهجرة إلى أوربا التي هي بمثابة التقدم و الرفاهية، و العمل الوفير.يجتمع هؤلاء الشبان و بينهم محمود للتفكير في خطة للهجرة، لأنهم لا يملكون المبلغ المطلوب لذلك. و أخيرا كل منهم يدلي باقتراحه، منهم من اقترح التسلل في باخرة ومنهم بشاحنة، ومنهم من اقترح السرقة لجمع المال. كل هذا و لم يدلي محمود بكلمة.
جاءت ليلة الفصل، وبينما هم يتجولون إذا بباخرة سائرة إلى فرنسا قد تعطلت بالميناء. تسلل الجميع ما عدا محمود إلى داخلها. لكن هذه السفينة قد تأخرت عن الإقلاع بكثير.
و بينما محمود جالس يتأمل و يفكر ماذا يفعل، إذا بمبلغ يسقط بعيدا عنه بعض الشيء، مبلغ لا يستهان به، يكفي لشراء التذكرة. و أخيرا أقلعت الباخرة وعلى متنها الشبان المتسللون، ومحمود صاحب الحظ السعيد.
يقوم البحارة بجولة استطلاعية على المكان، فإذا بهم يعثرون على شبان نائمين في مرأب السيارات بالباخرة، يقومون باعتقالهم ثم يرسلونهم إلى بلدهم مصر. هناك يعاملون أسوا معاملة، من ضرب و تعذيب نظرا لهذا السلوك المشين.
وصل محمود إلى باريس بينما رفاقه بمصر يندبون حظهم العاثر. أما صاحب الحظ فهو منبهر بمدى تقدم المعمار و أناقة لباس الناس. لم يضيع الوقت إذ من فوره بدأ بالبحث عن عمل يقتات منه، إلا إن المشكلة تكمن في عدم قدرته على التجاوب مع ساكني هذه المدينة نظرا للغة المستعملة. أسبوع وهو هائم في الطرقات، يتمنى الرجوع و لكن كيف؟ فبينما هو يتمشى بدون انتباه اصطدم برجل من غير قصد فطلب منه السماح و اعتذر له، فإذا بالرجل يبتسم و يحضنه. ثم سأله محمود عن سر هذا الاحتضان. فيجيب بأنه عربي مثله تماما. فينبثق لدى محمود بريق أمل.
يأخد الرجل محمودا معه إلى البيت، حيث يقوم بتعليمه اللغة الفرنسية، فيفاجئ بمدى استجابة محمود له، و رجاحة عقله، فيقدمه على شركة فرنسية قصد العمل، فيسر محمود بذلك. استقر بعمله و تيسرت حاله و انزاحت كربته.
تشهد فرنس مظاهرة ضد المسلمين لما يشاع عنهم من إرهاب، و قتلهم الأطفال والنساء و الشيوخ. و كان الضحية هذه المرة محمود الذي كان قائما يصلي، فإذا بمديره يراه وهو على تلك الحال فيطرده من العمل نهائيا. و يعود الحظ إلى محمود مجددا، كونه جمع مبلغا من المال يكفي لكي يستقل باخرة و يعود بها إلى مصر.
و عند وصوله فوجئ بالتطور الذي شهدته هذه الدولة، و فرص الشغل التي أتيحت للشعب. فيبادر هو الآخر للعمل، لكن في مكان برز فيه كطفل نشيط و نابغة. عند طلبه العمل به لم يلقى سوى الترحاب، فصار شيخ شيوخ الجامع الأكبر.
الجمعة 21 أغسطس - 4:54:52 من طرف منال صلاح
» مركز اللغات
الجمعة 21 أغسطس - 4:53:59 من طرف منال صلاح
» وكالة البحوث والتطوير
الجمعة 21 أغسطس - 4:53:11 من طرف منال صلاح
» مجلةجامعةالمدينةالعالميةالمحكمة
الجمعة 21 أغسطس - 4:52:22 من طرف منال صلاح
» كلية العلوم المالية والإدارية
الجمعة 21 أغسطس - 4:51:37 من طرف منال صلاح
» كلية العلوم الإسلامية
الجمعة 21 أغسطس - 4:50:53 من طرف منال صلاح
» جامعة المدينة العالمية [MEDIU] ماليزيا
الجمعة 21 أغسطس - 4:48:59 من طرف منال صلاح
» المكتبة الرقمية
الجمعة 21 أغسطس - 4:46:44 من طرف منال صلاح
» عمادة الدراسات العليا
الجمعة 21 أغسطس - 4:45:33 من طرف منال صلاح
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
السبت 8 أغسطس - 9:24:33 من طرف شاذلي شاهين
» مجلة علمية محكمة عالمية
السبت 8 أغسطس - 9:22:31 من طرف شاذلي شاهين
» الدراسات العليا الشرعية والعصرية
السبت 8 أغسطس - 9:21:01 من طرف شاذلي شاهين
» المكتبات الرقمية
السبت 8 أغسطس - 9:20:24 من طرف شاذلي شاهين
» المكتبات الرقمية
السبت 8 أغسطس - 9:19:50 من طرف شاذلي شاهين
» عالم المال والاعمال
السبت 8 أغسطس - 9:19:13 من طرف شاذلي شاهين
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
السبت 8 أغسطس - 9:18:32 من طرف شاذلي شاهين
» دراسة اللغات العالمية
السبت 8 أغسطس - 9:18:05 من طرف شاذلي شاهين
» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
السبت 8 أغسطس - 5:35:19 من طرف BI750
» مركز اللغات
السبت 8 أغسطس - 5:34:19 من طرف BI750
» وكالة البحوث والتطوير
السبت 8 أغسطس - 5:33:14 من طرف BI750
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
السبت 8 أغسطس - 5:32:29 من طرف BI750
» كلية العلوم المالية والإدارية
السبت 8 أغسطس - 5:31:33 من طرف BI750
» كلية العلوم الإسلامية
السبت 8 أغسطس - 5:30:34 من طرف BI750
» المكتبة الرقمية
السبت 8 أغسطس - 5:29:48 من طرف BI750
» عمادة الدراسات العليا
السبت 8 أغسطس - 5:29:05 من طرف BI750
» التخصصات الشرعية بجامعة المدينة العالمية
السبت 8 أغسطس - 5:28:16 من طرف BI750
» جامعة المدينة العالمية بماليزيا
السبت 8 أغسطس - 5:27:26 من طرف BI750
» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
السبت 8 أغسطس - 5:25:14 من طرف BI750
» مركز اللغات
السبت 8 أغسطس - 5:24:08 من طرف BI750
» وكالة البحوث والتطوير
السبت 8 أغسطس - 5:23:13 من طرف BI750